بسم الله الرحمن الرحيم
كيف تتعامل مع المنشورات على الفيس بوك؟
محمد حسن جباري
بمَ تفكر؟
هي الجملة الأولى التي تتصدَّر صفحة الفيس بوك، وتتضمَّن حثًّا على إفراغ ما يجولُ بخاطر المشترِك من أفكار على المربَّع الأبيض، والمعنى: "اكتب ما تفكِّر فيه".
المشترِك في هذا العالم الأزرَق الكبير بين ثلاثة أمور:
1 - المشاركة بالكتابة.
2 - تسجيل الإعجاب، أو مشاركة المنشور.
3 - القيام بهذه الأمور كلِّها.
والاحتمال الرابع هو تركُ هذا كله، وهو قليلٌ نادر، فلن يكون له من الكلام نصيب.
أما الأول: فعلى المشترك أن يَستحضر مراقبة الله تعالى له فيما يكتب، ويتذكَّرَ الكرامَ الكاتبين، الذين لا يُغادرون صغيرةً ولا كبيرة إلا كتبوها، قال تعالى: ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 17، 18].
قال عمرُ بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى: "من عدَّ كلامه مِن عمَله، قلَّ كلامُه فيما لا يَعنيه"، ثم تلا الآيةَ الآنفة، ولا فرق بين القلم واللسان؛ فالقلم أحدُ اللسانينِ.
وعليه، فلا يَحسُن بالمسلم الذي يخاف الله تعالى، أن يورِّط نفسه فيما لا يُرضي ربه عزَّ وجل، وعليه أن يُعِدَّ للسؤال جوابَه يوم القيامة.
قال الشاعر:
وما مِن كاتبٍ إلا سيَفنى
ويَبقى الدَّهرَ ما كتبَتْ يداهُ
فلا تكتُب بكفِّك غيرَ شيءٍ
يسرُّك في القيامةِ أن تراهُ
الثاني: تسجيل الإعجاب بمنشورٍ ما، أو مشاركتُه: هو إعانةٌ على ما فيه، واشتراكٌ في ترويجه؛ خيرًا كان أم شرًّا، وكل ذلك داخلٌ في قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].
وبعد استِقراء للمنشورات على الفيس بوك، يزعم أخوكم أنَّها لا تَخرج عن ثلاثةِ مضامين:
1 - منشور يتضمَّن أمرًا نافعًا في الدين أو الدنيا: وهذا حقُّه التشجيع بتسجيل الإعجاب، أو المشاركة، أو بتعليق نافع يُثري الفائدة، ويتمِّم المنفعة، أو بهذه مجتمِعةً.
2 - منشور غير هام: بمعنى لا ضرَر فيه ولا نفع؛ كالكثير من المنشورات العبثيَّة التي تطفَح بها صفحات هذا الموقع، وليس في متابعة هذا النوع من المنشورات سوى إضاعةِ الأوقات، وقتلِ الهِمَم، وتعويد النفس الاهتمامَ بالسفاسف، وقد يكون التفاعل معها سببًا لما لا يَحسُن؛ كفُضول الكلام، وفضول النظر؛ فالإمساك عنها أَولى وأسلم.
3 - منشور ضار: وهذا حقُّه الحذف، والتحذير منه، ونُصح صاحبه على (الدردشة) الخاصة بحذفه.
ويدخل في هذا القسم: التنكيتُ بأمور الدين، والمزاح الكاذب، والصور الإباحية، والأحاديث الضعيفة، والحكايات المكذوبة... ولا يجوز بوجه من الوجوه الإسهامُ في نشر هذا النوع؛ لما فيه من تعاونٍ على الباطل.
الثالث: الجمع بين سائر أنواع التفاعل مع هذه المنشورات، وهذا لا يجوز فيما كان ضارًّا، ويَحسُن فيما كان نافعًا في أمر من أمور الدين أو الدنيا، وينبغي اجتنابُه فيما كان لا أهمِّية فيه؛ إيثارًا للسلامة، وابتعادًا عن سفاسف الأمور.
هذا، وما كان من صواب، فمن توفيق الله تعالى وحده، وما كان من خطأ وزلل، فمِن النفس والشيطان، والله تعالى بريءٌ منه ورسولُه صلى الله عليه وسلم.
وآخر دعونا أنِ الحمد لله رب العالمين.
و أخيرا لا تنساني عزيزي القارئ من خالص دعائكم ، فرب دعاء نابع من القلب خاشع ، يغير مجرى الحياة ، فنعيش طول حياتنا نرفل في السعادة و الهناءkaheel7.com