[ما بينَ مُعتركِ الأحْداقِ والمُهجِ، *** أنا القتيلُ بلا إثمٍ ولا حَرَجِ
وَدَّعتُ ، قبلَ الهَوَى ، روحي ، لما نظرَتْ *** عينايَ مِنْ حُسنِ ذاكَ المنظرِ البَهجِ
للهِ أجفانُ عَينٍ ، فيكَ ، ساهِرَةٍ، *** شوقاً إليكَ ، وقلبٌ ، بالغرامِ ، شَجِ
وأضلعٌ نحلتْ كادتْ تقوِّمها، *** مِنَ الجوَى ، كبِدي الحرّى ، من العَوَجِ
وأدمعٌ هَمَلتْ ، لولا التَّنفسُ مِنْ *** نارِ الهوَى ، لمْ أكد أْنجو مِنَ اللُّجَجِ
وحَبَّذا فيكَ أسقامٌ خَفيتُ بها *** عني ، تقومُ بها ، عندَ الهوَى ، حُجَجي
أصبَحتُ فيكَ ، كما أمسَيتُ مُكتئباً، *** ولمْ أقلْ جَزَعاً : يا أزمَةَ انفَرِجي
أهفُو إلى كلِّ قلبٍ ، بالغرامِ ، لهُ *** شُغلٌ ، وكلِّ لِسَانٍ ، بالهوَى لَهِجِ
وكلِّ سَمعٍ ، عنِ الَّلاحي ، بهِ صَمَمٌ، *** وكلِّ جَفنٍ ، إلى الإغفاءِ ، لمْ يَعُجِ
1 لا كانَ وَجْدٌ ، بهِ الآماقُ جامِدَةٌ، *** ولا غرامٌ ، بهِ الأشواقُ لمْ تَهِجِ
عذِّبْ بما شئتَ ، غيرَ البُعدِ عنكَ ، تجدْ *** أوفي مُحِبٍّ ، بما يُرْضيكَ ، مُبتهجِ
وخُذْ بقيَّةَ ما أبقيتَ مِنْ رَمَقٍ، *** لا خيرَ في الحبِّ ، إنْ أبْقى على المُهجِ
مَنْ لي بإتلافِ روحي في هَوَى رَشَإٍ، *** حُلْوِ الشَّمائلِ ، بالأرواحِ مُمتزجِ
مَنْ ماتَ فيهِ غراماً عاشَ مُرتقياً، *** ما بينَ أهلِ الهوَى في أرْفعِ الدَّرَجِ
مُحَجَّبٌ ، لوْ سرَى في مثلِ طُرَّتهِ، *** أغنتهُ غُرَّتهُ الغَرَّا عنِ السُّرُجِ
وإنْ ضللتُ بليلٍ ، مِنْ ذوائِبهِ، *** أهدى ، لعيني الهدى ، صُبحٌ منَ البَلجِ
وإنْ تنفَّسَ قالَ المسكُ ، مُعترِفاً، *** لعارفي طِيبهِ : مِنْ نَشرِهِ أرَجي
أعوامُ إقبالهِ ، كاليومِ ، في قِصَرٍ، *** ويَوْمُ إعراضِهِ ، في الطّولِ ، كالحججِ
فإنْ نأى سائِراً ، يا مُهجَتي ارتَحِلي، *** وإنْ دَنا زائِراً ، يا مُقلتي ابتهجي!
قلْ للَّذي لامني فيهِ ، وعنَّفني: *** دعني وشأني ، وعُدْ عنْ نُصْحكَ السَّمِجِ
فاللَّومُ لؤمٌ ، ولمْ يُمْدَحْ بهِ أحَدٌ، *** وهلْ رأيتَ مُحِبَّاً بالغرامِ هُجي؟
يا سَاكِنَ القلبِ لا تنظرْ إلى سكَنى، *** وارْبَحْ فؤادكَ ، واحذرْ فتنةَ الدَّعجِ